خمسينية.. يقولون إنَّ الظلام سيحيط بي يومًا، فقرَّرتُ ألَّا أستسلم لِمَا يقولون، وخضتُ حربًا ضروسًا بداخلي، فكلَّما حاولتُ أن أخمد نيرانها اشتعلَت فجأة لتخنقني.عشتُ صديقة نفسي لسنوات حتَّى في صراعاتي مع مَن سمَّيتُها كلّ الحياة، ولَم أرَ منها حياة.عشتُ وحيدة عالقة بين الحبِّ واللا حبّ معها غير مطمئنَّة، تنقصني مشاعر وعواطف، وتؤرقني ذكريات كل شيء بداخلي كان منطفئًا معها.فجأةً حلَّ بي شتات كان بحاجة لانتفاضة تزعزعه مِن داخلي، وقلوب تحبُّني أكثر، وتحنّ أكثر، وتتغاضى عنِّي أكثر وأكثر حتَّى تسامحني في كل المرَّات التي أخفق فيها وتغفر. فقرَّرتُ بعدها أن أسمع الكلام هذه المرَّة، وأسافر في رحلة خاصَّة بي لاستعادتي، فأنا أخوض نزالًا كبيرًا مع نفسي في هذا العمر بالذَّات حتَّى لا أفقدني، ويضيع منِّي حبّ الأشياء ومباهج الحياة ودهْشتها التي استعدتُها متأخِّرًا وبعد فوات الأوان، فتعلَّمتُ ألَّا أقول نعم في عالم فوضويّ مشحون بالتناقضات، ينهشني، يفرض عليَّ ما يريد، ويجبرني على الضحك والحزن وقبول ما لَم أُحِط به صبرًا، فقرَّرتُ أن أكون شُجاعة، وبرغم الخيبات قلت "لا" بصوت عالٍ مسموع في أعنف معاركي، لأتعافى مِن أجلي حتَّى لو تأخَّر الوقت وبات الأمر مستحيلًا عند أمِّي.إلى جنَّتي، إلى الله، ليتَني كنتُ أقرب الناس إليكِ وأبعَد الناس منهم جميعًا، أنا العلقة الأخيرة التي اختبأت بجوفكِ، وصمتَت دهرًا عن كلِّ شيء تحبِّينه ويريده قلبكِ، فأنا بعتُ عمري لأجلكِ، وأردتُ أن أزهر فيه وأنتِ معي وبجانبي تصفِّقين لي، لا أن تكوني ضدِّي، فأنا الخريف عقدتي أرَّقني لسنوات، حتَّى غيابك أخذ معه الجميع ورحل، فأصبح لساني عاجزًا عن البوح، فقط يدي التي ترتعش تكتب بما أشعر!اشتقتُ إليكِ يا أمِّي حتَّى لو لم تكوني لي كلَّ الأصدقاء.







