عشتُ أرقب وأحلِّل وأغامر، أرقب مَن اختاروا التمسُّك الحَرفي بالعادات والتقاليد وكأنَّها طوق النجاة في هذه الحياة.
أرقب مَن اختاروا المغامرة في تجارب الحياة، وأرقب إدارتهم لطبيعة المغامرات وكيفية الظفر بنتائجها.
أرقب مَن اختاروا الالتزام الديني كسبيل وحيد للنجاة، ولكن كنتُ ألاحظ اختلاف المدارس في هذا الشأن، فمنهم المتصوِّف، ومنهم السَّلفي، ومنهم الجهادي، ومنهم الإخواني، وغيرهم كثير، وأرى وأحلِّل نتاج كلِّ اختيار على شخصية صاحبه، ومدى تأثيره في الآخَرين.
حالة عامَّة ومركَّزة مِن المراقبة للتجارب والحكايات، لأنسج القماشة التي تناسب تركيبتي، وتتوافق مع طموحي.
الحياة شيء شديدة الخصوصية، مليء بالتجارب والصراعات، عشتُها بكلِّ تفاصيلها الدقيقة، راقبتُ مناهجها وشخوصها، وحلَّلتُها جيِّدًا، وتعلَّمتُ احترام المسافات مع الجميع؛ فلربَّما كانت النجاة في الحفاظ على المسافات.
لكنَّني غامرتُ أيضًا في كلِّ شيء قمتُ به، مغامرة مِن نوع خاص، ليسَت بالعشوائية ولا الطائشة ولا المدروسة تمامًا كذلك، إنَّها مغامرة مِن نوع آخَر لا يمكن وصفها إلا في قصص ولمحات متتالية مِن الحياة، تضمُّها صفحات كصفحات هذا الكتاب.
وتبقى هذه الأسئلة دائمًا لكلِّ السائرين في الحياة:
هل نحن سائرون في الحياة وحدنا؟
كيف صِيغَت أقدارنا بهذه المعطَيات العجيبة؟ ومتى حدث ذلك؟
متى ندرك ماهيَّة رسائل الحياة؟ وكيف لنا أن نتفاعل معها؟
كيف لاستثمار الصُّدَف أن يكون له دور في لحظات فارقة في مسارات حياتنا؟
هذه التساؤلات وغيرها يطرحها هذا الكتاب، ويطرح معها تصوُّرات حول الإجابات، إجابات عاصَرَها كاتب هذه السطور، وكان شاهدًا عليها.