الكِتاب متنوِّع بين الأدب والفلسفة، متعمِّقٌ بعلم النفس والتاريخ وعلوم أخرى كجزء مِن الفلسفة، ويأخذ منحنًى ذا حدَّين ووجهين لعملة واحدة، ويبيِّن لنا أنَّ القراءة هي الأساس، واللغة العربية أمُّ اللغات، ويُغرِقنا في حروف أبجد هَوَّز ، بحيث إنَّ الأمور تترتَّب على المحتوى وليس المعنى العام للحرف. فالألف قد لا تعني ألِفًا أحيانًا، بل قد تكون نورًا يضيء الظلام ويُبعِد الظلم.وحرف الباء قد لا يحتوي الحرف الذي بآخر كلمة (الحبّ)، ويفرّق بينه وبين العشق. وقد يأخذنا حرف الجيم إلى الدَّجل، ويكون بوسط الكلمة، ويُثبت أنَّ ادِّعاء العلم لا يرتبط بالعلم ذاته، والمعرفة تُزهق رُوح الجهل. وِمن ذاك وذاك يأتينا حرف الدال، ويجعلنا نرى أنَّ الأمثال والحِكم ما هي إلا جزء مِن الأدب والفلسفة التي أراهما بأنهما عينان في رأس واحد. ومِن هوَّز قد نرى أنَّ الفضاء والمجرَّات والكون لا ترتبط بحرف الهاء، ورغم ذلك هي سهلة كنُطق الهاء، وجمال الهاء، وذاك ما يميِّزها. والواو حينما تتكلم بروعة الفن، وتتعمَّق الرسم، وتتوسط الموسيقى لترينا أنَّ الجمال يكون بأشكال عدة.حتى نأتي إلى حرف الزاي نرى أنه النهاية كالموت، لكن ماذا لو كان للموت وجه آخر كعملة نقدية يراهن بها؟ سنجد مِن هنا أنه يوجد للموت وجه آخر اسمه الحياة، وسنرى منه أنَّ المدى الذي نراه ليس فقط هو ما نراه، بل يجب علينا الغوص حتى الغرق لاكتشاف أنَّ كل شيء متَّصل بعضه بالبعض، ومِن هنا إلى هنا اخترتُ صفحتين سمَّيتُهما موقعًا وواقعًا أعرِّف بهما القُرَّاء على نفسي.