أدهم منذر
في زمن الصّفحاتِ الزّرقاء، قرَّرَ أَنْ يكون صفحةً بيضاء، يكتب فيها عنِ الإنسان والحياة، عن العلاقاتِ الاجتماعيّة وعوالمِهَا المُختبئة خلْفَ زُجاجِ الأرواح وصَمْتِ القلوبِ، باختصار؛ هو مساحةٌ من الفراغِ في عالمٍ تَزدحِمُ فيه الأفكارُ، وتَهربُ مِنه كُلُّ نَفسٍ توّاقةٍ للارتقاءِ والسّموِ، لِيكونَ ذاتَ يومٍ ما سَيكون.
((خطّطتُ أولى الأحرف بقلم الرّصاص عندَما كنتُ طفلاً يكتشفُ الكلمات، ويتعرّف عليها لأمسحُها بسهولةٍ بممحاةٍ صغيرةٍ؛ إنْ لَمْ تُعجبْني، وعندما كَبرَ العالم بداخلي وضَاقتْ عليّ جدرانهُ، كتبتُ عَنه بالقَلمِ الأزرقِ مُفرداتٍ وتراكيبَ لا يُمكنُ أَنْ تُمحى مِن ذاكرةِ الصَّخر لَدي، واليومَ فَتحْتُ لِنفسي البابَ، وأطلقْتُ لروحي مُعانقةَ السَّماءِ، ومِنْذ تِلْكَ اللّحظة والعالمُ بالنّسبةِ لي لوحةٌ بيضاء أَرسمُ عليها بالأزرقِ خربشاتٍ وفنَّاً، ووجوهاً لأشخاصٍ رَمَتْ بِهم الحياةُ في دَربي الوعرِ، وعالمي المجنون اللّامحدود فأَنْسج من بقاياهم سُطوراً أو صفحاتٍ وأكتب ما استطعتُ إليه سَبيلا)).